ميناء زايد الوجهة الجديدة لسياحة أبوظبي البحرية

تشهد حركة السياحة البحرية في أبوظبي نمواً مضطرداً تسجله أعداد السفن السياحية المتزايدة التي تزور الإمارة في كل موسم جديد. ومنذ أن بدأ ميناء زايد رسمياً باستقبال البواخر السياحية في الموسم 2006/2007 سجلت الإحصاءات قدوم 36,000 سائح على متن 29 باخرة سياحية، توالت بعدها مؤشرات الزيادة في تصاعدها وتوجه الاهتمام نحو تعزيز المرافق السياحية في الإمارة الجاذبة لخطوط النقل البحري السياحي.

ومع الطفرة المتوقعة في أعداد السفن السياحية وركابها، لعبت موانئ أبوظبي دوراً هاماً في تهيئة البيئة الملائمة لاستقطاب مشغلي الخطوط السياحية العالمية وسعت لتلبية متطلباتهم من خلال تفهم احتياجاتهم وتوفير الحلول اللوجستية المتطورة التي تساهم مباشرة في تمكين أبوظبي من احتلال موقعها على قائمة الوجهات السياحية المفضلة.

ونجحت المحاولات الأولى في تجهيز محطة الركاب المؤقتة بميناء زايد، فقد ارتفعت أعداد السفن التي زارت الميناء في الموسم 2013/2014 من 75 باخرة سياحية إلى 94 زيارة مؤكدة خلال الموسم الحالي 2014/2015. وانعكست هذه الزيادة على أعداد السياح فارتفع الرقم من 125,000 في الموسم الماضي إلى 185,000 سائح يتوقع لهذا الموسم أن يُختتم بوصولهم إلى شواطئ الإمارة. هذه الزيادة التي سجلت نمواً بلغ 48% في أعداد السياح تؤكد على المكانة المتقدمة التي تحتلها إمارة أبوظبي، وتوثق التقدم الواضح الذي تحققه في صعودها على قائمة الوجهات السياحية التي تفضلها خطوط السياحة البحرية الدولية والتي باتت تحرص على شمولها في عروضها السنوية لعملائها من مختلف البلدان الأوروبية بالتحديد.

وانطلاقاً من سعيها الدائم لتحقيق أهداف الرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي 2030 التي أقرت تنمية القطاع السياحي في الإمارة كركيزة أساسية ضمن أهداف التنويع الاقتصادي، عمدت موانئ أبوظبي إلى اتخاذ الخطوات السريعة لمواكبة هذه القفزات التي يشهدها القطاع. وبادرت موانئ أبوظبي إلى تخصيص الأرصفة في ميناء زايد لاستيعاب ثلاثة سفن سياحية في وقت واحد وخصصت بوابات للميناء تؤدي مباشرة إلى مراسي السفن تتيح عبور حافلات نقل الركاب وسيارات الأجرة في الوقت الذي استثمرت فيه لتعزيز الإجراءات الأمنية من خلال كاميرات الرصد التلفزيوني المتطورة لمراقبة البوابات وعمدت إلى تطوير أنظمة التدقيق الأمنية بالتعاون مع الجهات المختصة لإجراء المسح المسبق لبيانات الركاب القادمين إلى إمارة أبوظبي.

أدركت موانئ أبوظبي أن الخطوات اللازمة لتطوير جاهزية مرافقها تتطلب تنفيذاً دقيقاً لمخططات المستقبل التي كانت قد وضعتها منذ أعوام سبقت حدوث الزيادة في أعداد السفن. وكان مخطط المبنى الدائم الجديد لمحطة أبوظبي للسفن السياحية طور التنفيذ واستعراض التصاميم المختلفة التي تخدم تطلعات موانئ أبوظبي والإمارة. وتفضل سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي باختيار التصميم في يوليو الماضي وأعطى إشارة البدء، فانطلقت أعمال تجهيز الموقع في ميناء زايد حيث يقع رصيف السفن السياحية الحالي.

انقسمت العمليات الإنشائية إلى ثلاثة مراحل يجري تنفيذها بالتوازي. وفي بداية يناير من العام الجاري 2015، انطلقت أشغال المرحلة الأولى لبناء طابق الميزانين وتعزيز الهيكل الخارجي للمبنى الذي اختارته الشركة، حيث حرصت على استدامة المباني المستخدمة في ميناء زايد وعمدت إلى تطوير هيكل أحد المستودعات القائمة وتحويله إلى مبنى لمحطة الركاب يتوقع أن تنتهي الأشغال التحضيرية فيه بقرب نهاية شهر أبريل القادم.

أما المرحلة الثانية، التي بدأت مؤخراً فتشمل التكسية الخارجية بألواح الزجاج والألمنيوم وإعداد الواجهة الأمامية لإطلالة أخاذة تضيف بعداً جمالياً للواجهة البحرية في أبوظبي لإستقبال السفن السياحية الزائرة، بحسب التصميم الجديد الذي يتوقع أن تستكمل إجراءات هذه المرحلة خلال شهر مارس هذا العام.

وفي الوقت ذاته، ستنطلق المرحلة الثالثة التي تقرر أن تبدأ في غضون الأسبوعين القادمين حيث تتركز أعمالها في تنفيذ التصميم الداخلي للمبنى. تلبي تفاصيل التصميم الداخلي لمبنى محطة الرحلات البحرية الجديد متطلبات الاستدامة ويأخذ في الحسبان معايير كثيرة للجودة كما يهتم بما يعكس الصورة الحضارية لإمارة أبوظبي مع المحافظة على روح التقاليد وتاريخ الإمارة. راعى التصميم الداخلي تجدد الهواء ومرور الضوء الطبيعي كما استوحي تصميم سقف المبنى من شجرة الغاف المحلية التي ترمز لدولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الذي أدخل التصميم العوارض الخشبية في جميع أنحاء المبنى للتذكير بأشهر القوارب الشراعية الإماراتية – قارب البوم!

تتزامن أعمال البناء الداخلية في المبنى الدائم لمحطة الركاب البحرية مع أعمال تجهيز المداخل والطرقات المؤدية إلى المحطة، حيث تقوم موانئ أبوظبي بتجهيز مواقف حديثة خصصتها لحافلات الركاب وسيارات الأجرة بالقرب من المحطة لتسهيل وصول الركاب إليها. وسيتم افتتاح المبنى الجديد رسميا وتشغيله بحلول نهاية العام الجاري الذي يصادف قرب انطلاق الموسم السياحي البحري القادم 2015/2016.

وفي خطوة تعتبر الأولى من نوعها على صعيد تنويع نقاط الجذب السياحي للإمارة، شرعت موانئ أبوظبي أيضا في تطوير بنية تحتية أخرى لدعم تنمية السياحية البحرية، وأعلنت مؤخراً عن تخصيص شاطئ من شواطئ جزيرة صير بني ياس الشهيرة لتوقف السفن السياحية ولتكون نقطة انطلاق للرحلات البحرية نحو المنطقة.

ويشير الرئيس التنفيذي لموانئ أبوظبي، الكابتن محمد جمعة الشامسي بتفاؤل إلى مستقبل السياحة البحرية في إمارة أبوظبي ومؤكداً حرص الشركة على مواكبة المتغيرات التي يشهدها قطاع السياحة المتنامي في الإمارة من خلال المشاريع التنموية التي تنفذها الشركة دعماً للقطاع السياحي. ويقول متابعاً لمؤشرات النمو على صعيد خطوط النقل السياحية وارتقاء مكانة أبوظبي على خارطة الوجهات السياحية: “نعمل في سباق مع الزمن لتعزيز مكانة إمارة أبوظبي سياحياً من خلال تلبية متطلبات عملائنا وتوفير التسهيلات التي من شأنها استقطاب عمالقة السياحة البحرية العالمية الى ميناء زايد حيث يتركز دورنا على توظيف إمكاناتنا الغنية بما تقدمه للسياح وما توفره الإمارة من نقاط جذب فريدة بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية”.

وأضاف الشامسي أن ميناء زايد على موعد مع واحدة من أضخم السفن السياحية في العالم خلال الموسم المقبل. وقال إن السفينة “آيدا بريما” التي تحمل قرابة 3,200 مسافر تمثل أحدث سفن المستقبل المملوكة للشركة الألمانية المشغلة لخطوط “آيدا” السياحية العالمية.

يذكر أن الموسم السياحي الحالي سيشهد وصول 12 باخرة سياحية إلى ميناء زايد، معظم هذه السفن ترددت بوتيرة أسبوعية تصدرتها شركة “مين تشيف 2” و”آيدا ديفا”، ثم تأتي بعدها “كوستا نيو ريفيرا” و “كوستا سيرينا” لهذا الموسم.

واستقبل ميناء زايد خلال الموسم الحالي أربعة سفن تزور الإمارة للمرة الأولى بوصول “كوستا سيرينا” والباخرة “آيدا أورا” ثم “أم أس سي أوركسترا” وآخرها “أم أس بالمورال”. كانت أكبر السفن السياحية لهذا الموسم من حيث القدرة الاستيعابية لعدد الركاب الباخرة “كوستا سيرينا” التي تحمل على متنها 3,700 راكب، تليها الباخرة “أم أس سي أوركسترا” التي يمكنها حمل ما يصل إلى 3,200 سائح ووالسفينة السياحية الفاخرة “كوين ماري 2” التي يمكنها أن تستوعب 2,600 مسافر.

وتأكيداً لتنامي المكانة الدولية السياحية لإمارة أبوظبي ذكرت دراسة صدرت حديثاً أن أغلب السياح الذين يفضلون زيارة أبوظبي يأتون من أوروبا 57% من السياح من الجنسية الألمانية، ثم الإيطاليين 12٪، وأكثر من 101 جنسية أخرى استقبلها ميناء زايد.

ما الذي يجعل وجهات سياحية مثل أبوظبي تجتذب الزوار من نصف الكرة الغربي؟

تعتبر أبوظبي بيئة آمنة ومستقرة توفر الشمس الدافئة على مدار العام ويجدها السياح أكثر ملاءمة خلال عطلات الشتاء بما تزخر به من الشواطئ البكر وما تمثله من ثقافة تتميز بتصاميمها الشرقية. ويقدّر السياح من أوروبا والمملكة المتحدة أيضا التراث الثقافي الغني لمنطقة الخليج، وخصوصا في أماكن مثل أبوظبي بما تحويه من معالم استثنائية أثرية والمباني القديمة والواحات التي تعكس تاريخ المنطقة وتعرض الثقافة العربية الأصيلة، من بينها موقع التراث العالمي لليونسكو في قلب مدينة العين.

وبالإضافة إلى ذلك، توفر أبوظبي العديد من الأنشطة الرياضية والترفيهية، والتي تتراوح ما بين الرياضات المائية، إلى الغولف ومراكز التسوق جولات، إلى رحلات السفاري الصحراوية، بما في ذلك ركوب الجمال، وعرض الصقور ونقش الحناء التقليدي. وتعد المشاريع القائمة لإنشاء متحف اللوفر أبوظبي ومتحف زايد الوطني وجوجنهايم أبوظبي نقاط جذب سياحية ستسهم بشكل مباشر في تنويع عروض الإمارة لزوارها.

ويختتم الشامسي بقوله إن استجابة مشغلي الخطوط السياحية للعروض والخدمات المتطورة التي نوفرها عكست مستويات غير متوقعة، ونتطلع إلى نقل سياحتنا البحرية إلى مستويات متقدمة حيث تلقينا الكثير من ردود الفعل الإيجابية من ركاب الرحلات البحرية وخطوط النقل تعرب عن ثقتها بمستقبل أبوظبي كمركز سياحي في المنطقة.

Exit mobile version